السيارات الكلاسيكية.. الأصالة والقيمة في عالم السيارات

 يواجه العديد من الأشخاص صعوبة في الفصل بين السيارات العتيقة ذات القيمة المرتفعة وتلك التي فقدت بريقها مع مرور الزمن عند رغبتهم في القيام بعملية الشراء. وقد يعود ذلك إلى التداخل بين مفهوم السيارات الكلاسيكية والمركبات القديمة، أو أننا نعتبر كل سيارة تختلف كلياً عما اعتدنا على مشاهدته بشكل يومي كلاسيكية. فيتساءل البعض: هل أي سيارة عتيقة تُعتبر كلاسيكية؟ وما هو التعريف الحقيقي للسيارة الكلاسيكية؟

عمر السيارة

نحن بحاجة إلى الإقرار منذ البداية بأهمية عراقة السيارة في تأكيد ما إذا كانت تعد من السيارات الكلاسيكية أم لا. فحتى وإن لم تمتاز السيارة المعنية بمواصفات استثنائية أو بتصميم يلفت الأنظار، فإن قيمتها غالبًا ما تنبع من العلاقات الشخصية والذكريات التي تجمع بينها وبين الأشخاص. ليس نادرًا أن يكوْن الفرد قد ربط نفسه عاطفيًا بسيارة كان يحلم بامتلاكها خلال صباه، ويجد نفسه على استعداد لتحمل تكاليف اقتنائها الباهظة - سواء كانت تلك التكاليف تتعلق بسعرها الأولي، أو بمصاريف الترميم الكبيرة، أو غيرها من العوامل - وذلك لتحقيق حلم طفولته. وطبعًا، يتطلب هذا الأمر سنوات طويلة حتى يتحقق. وهكذا تتضح لنا الصلة المتينة بين السيارات العتيقة والصبغة الكلاسيكية.

يُشار هنا إلى أن مجموعة من الدول حول العالم تضع قيوداً على استيراد السيارات التي تجاوزت الخمس أو العشر سنوات من العمر "بحسب قوانين كل دولة"، إلا أن هذه القيود قد تُلغى بعد مرور عشرين عاماً على تاريخ إنتاج السيارة. وهذا يوضح أن السيارات التي تتراح أعمارها بين خمس سنوات وعشرين سنة لا تُعتبر في العموم سيارات كلاسيكية بالمفهوم المتعارف عليه.

عامل الندرة

يُشكل هذا العنصر أحد الجوانب الهامة المميزة للسيارات الكلاسيكية، لذا نرى الكثير من المصنعين يقومون بتحديد إصداراتهم المميزة إلى عدد محدود من الوحدات. وهناك من يضعون حداً أعلى لمعدل الإنتاج، متبعين القاعدة التي صاغها "إنزو فيراري"، مؤسس شركة "فيراري"، والتي تنص على ضرورة أن يكون هناك نسخة أقل من تلك التي يبدي الزبائن رغبتهم فيها. بالإضافة إلى أنه في أغلب الأوقات، قد تجد أن نسخة محددة من سيارة تكون أعلى ثمناً بشكل كبير مقارنةً بنسخة أخرى ضمن نفس الطراز، مثل الفارق الشاسع في القيمة والسعر بين "فيراري 458" التي أُصدر منها 20 ألف نسخة، و"فيراري 458 سبيشال A" المكشوفة التي تم تحديد إنتاجها بـ 499 نسخة فقط.

عامل المواصفات الأصلية

يجب أن تحتفظ كل سيارة، قبل الخوض في مسألة ما إذا كانت تُعدُّ كلاسيكية أم لا، بالحال الأولى التي تم تصنيعها عليها، بمعنى أن تكون مزودة بنفس الإطارات، الأجزاء الخارجية والداخلية، وكذلك لون الطلاء الأصلي، لكن يظل الجزء الأكثر أهمية هو أن تحافظ على الموتور، الشاسيه، وصندوق التروس الأصليين، وأن تكون الأرقام المُختصة بها متطابقة كما كانت عليه عند أول إنتاج للسيارة. ليس من الكافي فقط الحصول على موتور أصلي لطراز محدد وتركيبه في هيكل من نفس الطراز لكن بإصدار مختلف والذي لم يُصمم الموتور أصلاً له، حيث أن هذا لا يعطي السيارة صفة الأصالة التي بدورها ترفع من قيمتها المادية والتاريخية.

أهمية الطراز

تتميز السيارات التي تحتوي على ميزات مبتكرة ومقدمة لأول مرة في عالم السيارات التجارية أو تلك التي تستقطب اهتماماً واسعاً من الزبائن عند إطلاقها بفرصة أكبر لتصبح من الطرازات الكلاسيكية. هذا بالضبط ما حدث مع سيارة "BMW 850i" التي لاقت حماساً كبيراً من محبي الشركة البافارية عندما تم الإعلان عنها في سنة 1990، والتي شهدت مؤخراً ارتفاعاً في قيمتها. كذلك الأمر بالنسبة لسيارة هوندا NSX "الجيل الأول" التي أطلقت في عام 1989، والتي أدخلت فصلاً جديداً في تاريخ السيارات الرياضية يتمثل في الجمع بين الأداء الرياضي القوي والفعالية الممتازة والموثوقية الكبيرة.

القيمة الرياضية

تحظى القيمة العددية بأهمية كبرى في ميدان السيارات العريقة، ومثال واضح على ذلك هو النموذج "فيراري 250 جي تي أو" الذي اشتهرت قصته ليس بسبب ندرة إنتاجه فحسب، بل كذلك بسبب نجاحه في الانتصار بمجموعة من مسابقات التحدي، لعل أبرزها سباق لومان الذي يستمر لمدة 24 ساعة.

إن كان النموذج الحديث هو الشاهد الأبرز على هذه القضية، فإن هناك نماذج كثيرة تُعتبر أمثلة أخرى مثل نموذج لانشيا دلتا HF انتغرالي، ومرسيدس بنز 300 SLR أوهلنهاوت كوبيه عام 1955، أو أستون مارتن DBR 1.

المشاركة في الأعمال التمثيلية

يُشكّل هذا العنصر رغم أهميته موضوعًا للنقاش. إذ يُعتبر أمرًا متوقعًا بأن تحظى أية سيارة رياضية جذابة أو سيارة تنفيذية فخمة بالاهتمام عند مشاركتها في مسلسل تليفزيوني أو في فيلم سينمائي، وخصوصًا إن كان العمل الفني الذي ظهرت فيه قد حاز على إعجاب واسع أو حقق نجاحًا ضخمًا. وهذا ما حدث بالضبط مع موديل "Lotus Esprit" الذي استخدمه الجاسوس "James Bond"، أو سيارة "Pontiac Trans AM" التي كانت نجمة مسلسل "Knight Rider" الشهير. لكن أن تنجح سيارة اقتصادية في اكتساب مكانة كلاسيكية كما الحال مع "Volkswagen Beetle" من خلال سلسلة أفلام "Herbie"، فهذا يبرهن على أن الأعمال الدرامية المتميزة تملك القدرة على تحويل سيارة عادية إلى سيارة كلاسيكية بارزة.